حمص في التاريخ



لعل أقدم موقع سكني في مدينة حمص هو تل حمص أو قلعة أسامة، ويبتعد هذا التل عن نهر العاصي حوالي 2.5 كم، ولقد أثبتت اللقى الفخارية أن هذا الموقع كان مسكوناً منذ النصف الثاني للألف الثالث قبل الميلاد، ولقد ورد اسم حمص محرفاً في وثائق ايبلا المملكة السورية الشهيرة. وتدل أخبار موثقة التي تمت في تل النبي مندو قرب حمص أن مدينة حمص عادت للحضور، وما زالت الدراسات الأثرية قاصرة عن تحديد تاريخ حمص في العصر البرونزي والحديدي وقد طابق بعض الدارسين التوراتيين مدينة حمص مع مدينة صوبة المذكورة في التناخ.
من الممكن أن تكون حمص نفسها قد تم تأسيسها على يد سلوقس الأول حيث يذكر الفيلسوف سترابون قبيلة تدعى بأميساني تعيش حول العاصي في جنوب أفاميا وقد صنفها الرومان قبيلة عربية.
عندما احتل بومبي سوريا عام 64 ق.م وقفت قبيلة أميساني إلى جانبهم واعترفت روما بقائدها شمسيغرام الأول كملك على حمص وكانت عاصمتها الرستن. وصلت مملكة حمص في عهد سلالة شمسيغرام إلى أقصى اتساعها حيث وصلت إلى وادي بعلبك غرباً وتدمر شرقاً وإلى الرستن شمالاً ويبرود جنوباً.
في عهد ابن شمسيغرام الأول لامبليش أصبحت حمص عاصمة لمملكة حمص، وقد وأثبت الحمصيون مرة أخرى ولاءهم لروما عندما أرسلوا جيشهم لنصرة يوليوس قيصر خلال حصاره على الإسكندرية عام 41 قبل الميلاد، خلال الحرب الاهلية التي نشبت في روما بين أوكتافيوس وماركوس أنطونيوس وقف لامبليش إلى جانب أوكتافيوس بينما ناصر أخاه أليكساس ماركوس انطونيوس. نجح أليكساس في انتزاع العرش من شقيقه وقتله، ولكن مع انتصار أوكتافيوس في الحرب الاهلية تم اعدام أليكساس ونال ابن لامبليش لامبليش الثاني عرش والده. وفي عهد الملك سهم تم إرسال جيش من حمص لدعم الرومان في حصارهم لأورشليم عام 70م.
لعبت حمص دوراً هاماً في التاريخ الروماني، حيث أصبحت بمثابة عاصمة لسوريا في عهد أسرة سيفيريوس، وقد عرفت أيضا بالأسرة السامية أو السورية أو الحمصية، حيث انحدر جل أفرادها من حمص، عدا مؤسسها الامبراطور سيبتيموس سيفيروس الذي تزوج من الحمصية جوليا دومنا ابنة الكاهن الاعظم لإله الشمس في حمص، وقد أنجبت جوليا دومنا ابنين هما كركلا وغيتا. انتهى عهد هذه الأسرة مع آخر أباطرتها الكسندر سيفيروس (208م - 235م).
ويعرف من حمص أيضا الفيلسوف الحمصي لونجينوس مستشار الملكة زنوبيا والطبيب الشهير مارليان.